نفحات الطريق

يعنى الموقع بالتأصيل الشرعي للتصوف المقتبس من مشكاة نور النبوة والتعريف بمقامات وأعلام الصوفية. إلى جانب نشر كتب ورسائل عن التصوف.

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

تفسير قوله تعالى : فاعلم أنه لا إله إلا الله

تفسير قوله تعالى : فاعلم أنه لا إله إلا الله

(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) 
يقول الحق جل جلاله : { فاعلم أنه لا إله إلا الله } أي : إذا علمت أن مدار السعادة ، والفوز بالنعيم في دار البقاء هو التوحيد والطاعة ، ومناط الشقاء والخسران في دار الهوان هو الإشراك والعصيان ، فاثبت على ما أنت عليه من التوحيد ، واعلم أنه لا إله في الوجود إلا الله ، فلا يستحق العبادة غيره ، { واستغفر لذنبك } وهو ما قد يصدر منه صلى الله عليه وسلم من خلاف الأولى ، عبر عنه بالذنب نظرا إلى منصبه الجليل ، كيف لا ، وحسنات الأبرار سيئات المقربين؟ فكل مقام له آداب ، فإذا أخل بشيء من آدابه أمر بالاستغفار ، فلمقام الرسالة آداب ، ولمقام الولاية آداب ، ولمقام الصلاة آداب ، وضعف العبودية لا يقوم بجميع حقوق الربوبية ، قال تعالى : { وما قدروا الله حق قدره } [ الزمر : 67 ] . وبالجملة فالقيام بالآداب مع الله - تعالى - على ما يستحقه - سبحانه - حتى يحيط العبد بجميع الآداب مع عظمة الربوبية محال عادة ، قال صلى الله عليه وسلم مع جلالة منصبه : « لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك » فكل ما قرب العبد من الحضرة شدد عليه في طلب الأدب ، فإذا أخذته سنة أمر بالاستغفار ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يستغفر في المجلس سبعين مرة ، أو مائة ، على ما في الأثر .
وقال شيخ شيوخنا ، سيدي عبد الرحمن الفاسي ، بعد كلام : والحق أن استغفاره صلى الله عليه وسلم طلب ثبات المغفرة والستر من الوقوع ، لا طلب العفو بعد الوقوع ، وقد أخبره تعالى بأنه فعل . وقد يقال : استغفار تعبد لا غير . قال : والذي يظهر لي أن أمره بالاستغفار مع وعد الله بأنه مغفور له؛ إشارة إلى الوقوف مع غيب المشيئة ، لا مع الوعد ، وذلك حقيقة ، والوقوف مع الوعد شريعة . وقال الطيبي : إذا تيقنت أن الساعة آتية ، وقد جاء أشراطها ، فخذ بالأهم فالأهم ، والأولى فالأولى ، فتمسك بالتوحيد ، ونزه الله عما لا ينبغي ، ثم طهر نفسك بالاستغفار عما لا يليق بك ، من ترك الأولى ، فإذا صرت كاملا في نفسك فكن مكملا لغيرك ، فاستغفر { للمؤمنين والمؤمنات } . ه . أي : استغفر لذنوبهم بالدعاء لهم ، وترغيبهم فيما يستدعي غفران ذنوبهم .
وفي إعادة الجار تنبيه على اختلاف معلقيه؛ إذ ليس موجب استغفاره صلى الله عليه وسلم كموجب استغفارهم ، فسيئاته - عليه السلام - فرضا حسناتهم . وفي حذف المضاف ، وإقامة المضاف إليه مقامه - أي : ولذنب المؤمنين - إشعار بعراقتهم في الذنوب ، وفرط افتقارهم إلى الاستغفار .

تفسير ابن عجيبة 

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق